ملخص هي إحدى قرى بني حسن الواقعة جنوب غرب القدس، ويعود تاريخ القرية إلى الفترة الكنعانية وهذا ما تشير إليه المقابر والكهوف الموجودة فيها، وهناك أيضا آثار تسير إلى حقب متتابعة من رومانية وبيزنطية وكذلك فيما بعد الثقافة العربية الإسلامية، أخذت بتير اسمها من بَتَرَ يعني من قطع أي قطع الصخر وهي ممتدة على حزام صخري وسط التلال، وأسفلها وادٍ خصب زراعي، ويعمل عدد من أهلها في قطع الحجارة، ومن هنا كانت التسمية لبتير كما كانت تسمية البتراء في الأردن التي حفرت كاملة في الصخر. أما نواة القرية فهي تتجمع في مساحة صغيرة من عين بتير حيث تتراكم البيوت فوق بعضها البعض مشكلة طبقات تاريخية قديمة، وظلت هذه البيوت المتلاصقة طوال القرن الثامن عشر وفي أوائل القرن الماضي بدأ الناس ينتشرون تدريجياً خارج إطار القرية القديمة ويتجمعون كعائلات حسب أرضهم وملكيتهم. أثرت محطة القطار في بتير وسكة الحديد العثمانية 1888 على التمدد العمراني واتجاهه بعيداً عن النواة حيث أصبح الوصول إلى المحطة في طرف حدود القرية مكاناً حديثا للبناء، خاصة في عهد الانتداب البريطاني. كما أن فتح الشوارع في عام 1950 و 1960 ادى إلى امتداد البناء والتطور العمراني للقرية Abstract: It is one of the Bani Hassan villages, located southwest of Jerusalem. The history of the village according to the discovered tombs and the existed caves dates back to the Canaanite period. There are also traces going to successive periods of Roman and Byzantine as well as the Islamic period. Battir took its name from amputation, meaning cutting off any rock. The village is extended on a rock, belt in the middle of the hills and below it, there is fertile valley. The work of a number of its people in the cutting of stones, hence the name of Battir as it was called Petra in Jordan, which was dug in the rock. The nucleus of the village is gathered in a small area of Ein Battir, where houses build up on top of one another, forming an ancient historical strata, and these houses remained adjacent throughout the 18th century until the beginning of the last century, when people gradually spread outside the framework of the old village and gathered as families according to their land and property. The Battir train station and the Othman railway in 1888 influenced the urban expansion and its direction away from the nucleus, where access to the station at the edge of the village become a modern building, especially during the British Mandate. The opening of the streets in 1950 and 1960 led to the extension of construction and urban development of the village.
هي إحدى قرى بني حسن الواقعة في الجنوب الغربي من القدس وعلى بعد 8 كيلو متر منها، وقرى بني حسن يعود أصلها إلى بني هلال في الشمال المغربي وعلى وجه الخصوص من القيروان وقابس الذين جاؤوا مع صلاح الدين وشاركوه الحرب لتحرير مدينة القدس وجوارها وعهد لهم بحراسة الأماكن المقدسة. ولا تزال الأغنية الشعبية توثق لنسب وأصل السكان وتذكر الأميرة الجازية بنت سرحان أخت السلطان الحسن هذه الاغنية هي
غني رجالك يا بنت سرحان وأهلي مشايخ بلاد من زمان غني رجالك يا بنت يا مليحة وأهلي مشايخ من اساس الشيخة ياهي واحنا طلعنا فوق جدع يابس ياهي وعين الله علينا حار ياهي واحنا حكمنا القيروان وقابس ياهي ولما خبطنا على ارضها اخضر فيها كل جذع يابس
الاغنية الثانية
ياهي شبهتك بجازية ام محمد ياهي يوم جلوها عا شريف ابن هاشم ياهي بالله ياحاضرات صلين على النبي ياهي بخاف على العروس من عيون الحواسد
وكما تشير الدلائل الأثرية الموجودة على رأس التل تبين بأنها تعود بتاريخها الى الفترة الكنعانية وفيها الحضارات المتتابعة من رومانية وبيزنطية واكتسبت فيما بعد الثقافة العربية الإسلامية. ومعنى كلمة بتير اللغوي كما جاء في القواميس العربية كقاموس المحيط والمعجم الوسيط والمنجد هو: قطع الشيء من أصله. أما المعنى الاصطلاحي فهو قطع الحجارة قبل تمامها من الصخر، وقد احتاج السكان لبناء بيوتهم وطرقهم الموصلة الى منازلهم الى شق الصخر وقطعه مستخدمين أدوات حادة. فمنازل قرية بتير القديمة معلقة على هذه الكتل الصخرية الضخمة. وهكذا يكون أهل بتير او الكثير منهم قد امتهنوا حرفة قطع الحجارة " الحجارين" ومن هنا كانت التسمية لبتير. ومما يعزز هذا المعنى هو قرية أخرى شبيه بالاسم وهي البتراء الأردنية التي حفرت كاملة بالصخر
نواة القرية تتشكل نواة القرية من طبقات تاريخية واثرية متلاحقة تعود بتاريخها الى الفترة الكنعانية وهي تتمثل بالخربة الموجودة بأعلى التلة التي تقع عليها القرية، إلا انه ومن خلال البقايا الاثرية الباقية في مختلف انحاء القرية تشير الى ان الفترة البارزة فيها هي الفترة الرومانية حيث أن الموقع يحتوي على اساسات ابنية وبرك وعيون ماء ومغر وأرضيات مرصوفة بالفسيفساء تعود لتلك الفترة، كما أن النظام المائي الموجود فيها والمتمثل بعيون الماء المحفورة بالصخر والبرك لدليل واضح على هذه الفترة حيث كان هذا النظام واسع الانتشار خلال الفترة الرومانية في فلسطين، مثل عين بتير وعين اباسين وعين عمدان.وعين بتير هي النبع الأكثر تدفقا للماء من غيرها من الينابيع المحيطة بالقرية، فلا غرابة أن يبنى أهل بتير بيوتهم حولها، وهي منطقة واقعة في عرض سفح جبل صخري ضخم بجانب وادٍ قريب من النبع
وتعتبر منطقة وسط البلد الممتدة من عين بتير وأعلاه بساتين الجنان المروية باتجاه الشرق وسط البلد المسمى " الحرجة " هي نواة البلد وهي منطقة صغيرة متراكمة البيوت ومتلاصقة وهي غرفة لكل عائلة ممتدة كان يسكن فيها الجد والجدة والابن وعائلته أو يسكن فيها الأب الكبير ويعيش معه كل أبناءه وهذه البيوت بسيطة وتقع في أحواش صغيرة أيضا ويسمى باسم العائلة مثل حوش قطوش، حوش عوينة، حوش البطمة، حوش أبو نعمة، حوش معمر، حوش عبيد الله والنجار، حوش قصقص، حوش البدر، حوش سلامة، حوش القيسي وهكذا....... وكانت هذه البيوت مبنية من الحجارة والطين والشيد وهناك نموذج آخر للبناء بالحجارة المدقوقة
الحارات السكنية اتسع العمران في عهد الانتداب وامتد بكل الاتجاهات تدريجياً إلا الجهة الشمالية التي هي جنان البلد، والتي تروى بماء العين حيث لا يمتد البناء في مناطق الزراعة المروية خاصة لأنها اعتماد اقتصاد ومصدر رزق الناس مهما قلت المساحة وكانوا يسمون كل قطعة ارض صغيرة من الأرض المروية دونما لقيمتها المادية ولعلو مردودها الإنتاجي. وهذه أسماء المناطق السكنية والحارات التي تشكلت وامتدت منذ عهد الانتداب حيث تحسنت الأحوال المادية وازداد عدد السكان امتدت القرية في جرون البلد وتكون فيها حارات بأسماء عوائل القرية وفقاً لملكية الأرض، فكل عائلة يبنى أهلها في أرضهم والأراضي تتجاور وبالتالي تتجاور الاحواش والحارات فحارة الجرون امتد فيها بيوت لكل أهل القرية لان المنطقة اسمها جرون البلد أي لكل حمولة قسم من الأرض وامتلأت وتداخل البنى الحديث الآن في كل قسم صغير كان خاليا وذلك لضيق المساحة المتاحة للانتشار العمراني
المنطقة الثانية التي تليها في الجهة الشرقية وبعد وسط البلد النواة هي الحارة الشرقية وأخذت نفس التوزيع للأحواش والبيوت لكافة حمائل وعوائل القرية المتجمعين في النواة اخذوا يبتعدون شرقا وبنفس نوعية التجمع، وكانت في حينها تعتبر المناطق الحديثة وعمرها يزيد الآن عن 100 عام منذ أواخر العهد التركي ثم الانتداب، هناك منطقة تسمى جورة ياسين تنسب إلى شيخ اسمه ياسين سكن بجوار الزاوية وأسميت باسمه. وكانت هذه الحارات كثيرة الأزقة الضيقة والصخرية الوعرة
هذا وبسبب النكبة عام 1948 توقف عمل البناء وكذلك المخططات الأهلية عن الاستمرار في بناء البيوت إلا أنها كغيرها من القرى اتسعت على الأراضي الممتدة والواقعة على حزام صخري وعر ويطل على وادي بتير الواقع فيه سكة الحديد كما أن الشارع الجديد الذي افتتحه حسن مصطفى وقد أدى إلى الاتصال بقرى حوسان والخضر ومنها إلى طريق بيت لحم والخليل، ومنذ ذلك الحين كان آخر بيت في جدار القرية في منطقة (الجرون)، وبدأ الامتداد حول الشارع من الجانبين وكان لبناء بيت المرحوم ربحي مصطفى في منتصف الخمسينيات فرصة لتشجيع الأعمار في وسط المسافة الممتدة في هذا الخلاء الخالي وعالي التكلفة في الاعمار لأنها منطقة وعرة
في شتاء عام 1957 قام أبناء القرية بإصلاح ممر ضيق بين البيوت القديمة يعرف باسم "حوش دار البطمه " وقد عملت فيه بعض النساء الأرامل من سكانه، مما حمل أبناء القرية على تسميته من جديد باسم (طريق الأرامل السبع). تخليداً لنشاطهن واعتزازا بهمة أرملة القرية في النهوض بالمجتمع المحلي. وتقديرا واحتراما لها كالعادة في المدن الكبيرة أن تسمى الشوارع والساحات وكان الثوار قبل النكبة يجدون فيه ملاذا حيث كان يقيم قائدهم عبد القادر الحسيني في منزل الشيخ مصطفى حسن والد حسن مصطفى وفد اسماه حسن بهذا الاسم وكان عددهن 6 أرامل ولان العدد 7 هو الرقم المتداول في عرف الشعوب وثقافتهم فقال لهم اعتبروا أم مازن زوجته أرمله فيصبح العدد 7 أرامل وهن ( فاطمة على أبو نعمة، ثم نفيسة الشوعانية، وخديجة أبو حسن ، وتمام محيسن، وابنتها عائشة محمود ، فاطمة حسن الهربوك، ثم أضيفت أم مازن قبل أن تترمل استكمالا لعدد 7 وقد عملت هذه النساء على أحياء أشجاره وتحويل "صيرة الغنم والبقر" إلى حديقة
وفي نفس هذا الحوش لدار البطمة هناك اسم "حوش محمد صالح القيق المجاهد الكريم" والذي اسكن عائلة من رأس أبو عمار لجأت إلى بتير وهناك أيضاً "حوش الهربوك " الذي سيقوم فيه مركز حسن مصطفى الثقافي متحفا للقرية التراثية التعليمية ومشروع محو الأمية الثقافية. كما تم فتح طريقين داخل القرية وسط البلد القديمة (الحرجة) واستكملت القرية تعبيد ممراتها الداخلية، بالإضافة إلى وصل الأحواش والحارات بالطريق الرئيسي وكلها معبدة
وفي عام 1949 طلبت إسرائيل من الأردن محطة القدس وتوابعها عندما وقع بن غريون والملك عبد الله اتفاقية الهدنة بين المملكة الأردنية وإسرائيل في 3 نيسان 1949 ألغيت المحطة ولم يعد استعمالها مسموحا كالسابق وهجرت مبانيها واتفق على اختراق القطار لخط سكة الحديد فقط دون توقف مع إمكانية القيام بدورية وحراسة ورقابة كإصلاح الخط أو صيانته ضمن ارتداد محدد لا يجوز الخروج عنه وليس ملكا لهم أبدا
وبقيت أراضي وادي بتير والمساكن المحيطة بسكة الحديد تحت سيطرة أهل بتير وهي ملكهم ولهم الحق في استعمالها بشكل عادي دون تحفظ. وخرجت بتير عن نطاق (الوطن الموهوب) على حد تعبير المرحوم حسن مصطفى. والمنطقة الحرام دخولها على الإسرائيليين مدنيين وعسكريين هي منطقة ما وراء حدود بتير التاريخية وقد شجرت عام 1980 لأن إسرائيل تسميه الخط الأخضر. والشروط الأخرى من قبل الهدنة والأمم المتحدة لضبط إدارة هذا المكان وليست حدوداً
وعندما تعرض خط سكة الحديد عام 1965 لعملية فدائية في منطقة بعيدة جدا عن بتير وحدودها بدأ الإسرائيليون عملية إحاطة طرفي خط سكة الحديد بغرائز وأسلاك حديدية متشابكة، واخذوا يعملون فيه في الليل تحت حراسة وإضاءة، وتحت وابل من المطر والبرد وقد استعملوا آليات عسكرية تمشي مع العاملين لتوفر الإنارة والحراسة إلا أن ذلك لم يؤثر أبدا على الوصول إلى ابعد نقطة من حدود بتير المتفق عليها رسميا وهي الحدود التي رسمتها الهدنة والتي كفلت حق أهالي بتير في ملكيتهم لأرضهم وحقهم المشروع فيها وممارستهم لحياتهم الطبيعية في مساكنهم ومدرستهم المحاذية لسكة الحديد وكان هذا السياج بعد 20 سنة على قيام الهدنة إلا أن إسرائيل خشيت على حقها في المرور رغم أن قرية بتير والولجة والقبو ووداي فوكين هي أربعة قرى استثنيت أن تدخل تحت سلطة إسرائيل ولكن أهل القبو وأهل الولجة لم يعودوا إلى قراهم رغم دعوة حسن مصطفى لهم فخسروا الفرصة والظرف الوطني المتاح وكان ما كان أما قرية وادي فوكين والتي استقر فيها عدد قليل من أهلها وكانوا في النهار يأتي إليها بعض أهلها من مخيم الدهيشة وبعد عام 1967 ترك أهل وادي فوكين مخيم الدهيشة الذي كان يمنحهم وفرة في الإغاثة والخدمات وعادوا إلى قريتهم كي يعمروها ويستقروا فيها بشكل أفضل والتحق أبناء وادي فوكين ذكورا وإناثا في مدارس قرية حوسان المجاورة حتى تم افتتاح الخدمات التعليمية وغيرها
ولم تسلم بتير من التخطيط الإسرائيلي لتحديد وادي القرية في منطقة السكة الحديدية وذلك باستخدام آلية جدار الفصل العنصري الذي حاولت بنائه لتقسيم المنطقة الا ان اعتراض الأهالي أصحاب الحق وملاك الأرض الذين كلفوا محاميا للدفاع عن قضيتهم العادلة وذلك بمنع مصادرة أراضيهم الذي استطاع أن إبقاء الحق لأصحابه معتمدا على أحكام اتفاقية الهدنة الموقعة بين الأردن وإسرائيل في عام 1949
هذه المقالة نُشرت في مجلة "التراث والمجتمع" الصادرة عن مركز دراسات التراث والمجتمع الفلسطيني العدد 60 - 2017