علاقات النكبة بالتراث الشعبي والهوية الفلسطينية بقلم: ناديا البطمة
الثقافة المدونة والمكتوبة والروايات المسجلة ليوميات الأحداث من معاصريها هي حفاظ على الذاكرة الفلسطينية، وهي واجب وطني، وقومي، وإنساني لما لها من أهمية، فنحن شعب متواصل ومتعدد النكبات والمآسي، يخضع في كل لحظة من حياته لممارسات غريبة عجيبة من التمييز العنصري والاضطهاد والمذابح والتضييق على الخناق واستلاب ما تبقى من أرض وماء وأرواح وعزل وإقصاء، بل محو وإلغاء لكل ما يمكن أن يشكل الهوية أو يميز الإنسان الفلسطيني ويعطيه طابعاً أو صفة خاصة أو يمنحه حقاً طبيعياً، ومن طبيعة الحياة أن الأجيال الفلسطينية في كل مكان تموت وتختفي معها ذاكرتها، وتأتي أجيال تحمل هماً جديداً وتختزن ذاكرة زمنها وعصرها، ومؤثرات شتى مستجدة على حياتها وثقافتها، ولا يزال الاعتداء والتزوير والسطو على تراثنا ومقومات وعناصر هويتنا ودقائق وتفاصيل ونمط وأسلوب حياتنا الشعبية يقاوم ويطحن على رحى العنف والعذابات المانعة للاستقرار والهدوء والالتفات إلى الذات. ولم يبق ما يجمع شملنا ويوحد صفنا ويميزنا، إلا التمسك بثقافتنا التي تحتضن ضمائرنا ووجداننا، وتصوّب أهدافنا، وتنبثق منها دوافعنا وتحفزنا للحياة الحرة والصمود والمواجهة والعمل والإبداع وعلى صفحات مجلة شؤون فلسطينية مُنحت ثقافتنا حيزاً أتمنى أن أجيد استغلاله في الربط ما بين الماضي والحاضر والزمان والمكان، وصياغة وكتابة وتحرير جوانب ثقافية مطوية، ثمينة، قيّمة. إن البحث والغوص في عمقها إبداع وفكر وعمل وطني ومن صميم وأولويات الشأن الفلسطيني العام، ففي رأيي أن تراثنا الشعبي كنسيج طبق القش المطرز، تبدأ بحلقة دائرية في الوسط وتتسع حلقاته بترابط وفن.
عوامل زعزعت الهوية الفلسطينية 1 - العامل الأول لم يتعرض أي شعب من شعوب الأرض إلى نكبة مدمرة من فعل البشر تشبه ما تعرض له شعب فلسطين عام 1948. لقد فاقت هذه النكبة في كنهها وحقيقتها كل معنى وكل وصف، ولم يشفِ غليل الناس حتى الآن مصطلح "النكبة"، لأنه لم يعبر عن مدى وحشية وفظاعة وعمق الظلم وبشاعة وسوء الفعل العدواني المنظم والمبيت، وما خلق من آلام وأهوال وكوارث ومصائب وما ترتب عليه من آثار معنوية ومادية مجحفة وسلبية مستمرة ودائمة، وخسائر تتفاقم مع مرور الزمن في كافة مناحي الحياة، على مرأى ومسمع وبتخطيط وتنفيذ ودعم العالم الملقب بالمتمدن والمتحضر. ولا أدري إن كان الزمان سيشهد على اعتذارٍ ثانٍ، كالاعتذار عن الحروب الصليبية، الذي صدر حديثاً، وما قيمة هذا الاعتذار حينها، وقد انتزع الحق من صاحبه ليمنح لعدوه بغير وجه حق ولو اجتمع جهابذة علماء اللغة مرة ثانية، لما وجدوا مصطلحاً آخر يعبر عن كافة معاني اللاإنسانية واللاأخلاقية واللاعدالة. ليس المصطلح أو الكلمة هو المهم، بل هي الجريمة التي سحق بها شعب فلسطين، واستلب حقه التاريخي الثابت في أرضه ووطنه ووجوده، ثم طرده واقتلاعه من جذوره وقاعدته، ومن وعاء حضارته وتراثه وكيانه، ومركز ممارساته الحياتية عبر العصور والزمن بكرامة وشرف، وعلى الفطرة السليمة والسليقة وكباقي شعوب العالم صاغ هويته المميزة والخاصة به كشعب ومجتمع له عادات وتقاليد وقيم وإرث حضاري متراكم في بقعة خصّها الله وكرمها بأنها مهد الديانات السماوية، وأرض المقدسات، ومن جهة أخرى فيها تنوع في التضاريس والمناخ وإنتاج زراعي وغذائي متكامل، وخيرات وتنوع حيويّ ومعادن وبحر ميت لا مثيل له في العالم كله، وسياحة دينية وثقافية وعلاجية وترويحية. فلسطين ببيئتها ومجتمعها وإرثها جزء لا يتجزأ من بلاد الشام والمنطقة العربية، وليست طفرة وشذوذاً، أو جسماً غريباً سرطانياً خبيثاً يحتل بقوة غيره مركز وبؤرة العالم، وينتمي إلى أمريكا وأوروبا في ثقافته وعقليته وعلاقته العسكرية والسياسية. إني أتساءل وأنا أوثق تراثنا الشعبي، هل يستطيع أي محتل غاصب أن يصيغ مثلاً شعبياً واحداً في أي مجال وبأي معنى، إنهم يسرقون ويزورون ويفرضون واقعاً، لا بد أن يزول، والمضاد الحيوي الثابت هو كل ما يحمله الإنسان الفلسطيني في روحه وعقله ووجدانه، وما يورثه لمن بعده بصدق وأمانة وإخلاص، وهذا هو ما يقلق عليه الفلسطينيون، "اندثار الإنسان حامل الهوية، وذوبانه مع مجتمعات لجوئه وشتاته، والأرض ثابتة لن تزول مهما مر الزمن".
2 – العامل الثاني: اللجوء والهجرة أنتجت النكبة فئة مستحدثة من المجتمع الفلسطيني، شملت الفئات الثلاث المعروفة (أهل المدن والريف والبادية)، خاصة الساحل الفلسطيني بمدنه وقراه وخصبه وغناه وجباله وسهوله ومائه وهوائه، سميت هذه الفئة بـ(اللاجئين)، ولجأ الشعب المطرود والمهجر إلى المناطق التي تبعده عن خطر الموت الذي شهده الناس بأعينهم، على أن يبقى قريباً من أرضه وبلده، فاتجهوا إلى الضفة الغربية، والضفة الشرقية لنهر الأردن، وإلى سوريا ولبنان، وقطاع غزة جنوباً، ومن تبقى في الداخل منحوا جوازات سفر إسرائيلية، وأصبحوا لاجئين داخل وطنهم، لا يجرؤون على العودة إلى قراهم وبيوتهم وغير معترف بهم. وهام وضاع الشعب المشرد بلا راعٍ، يعاني الفقر والخوف والهلع والصدمات النفسية والعصبية، وفي شتاء عام النكبة ساهم الطقس البارد والمثلج في زيادة أعداد وفيات الأطفال والنساء الحوامل والشيوخ، وفقدت العوائل الكثير من أفراد أسرها، وسارعت الدول إلى الاعتراف بإسرائيل كدولة على حساب الفلسطينيين المنكوبين والمهجرين، في حين سارعت إلى نجدة اللاجئين المؤسسات الدولية كالصليب الأحمر، ومن كتاب المراحل لعمر الصالح البرغوثي 1894-1965- ص521 الفقرة الثانية أقتبس هذه الفقرة التي تصف وتصور أيام النكبة الأولى من خلال مذكراته: "كان الأمل يحدو المشردين أنّ مدة نزوحهم عن أوطانهم قصيرة، وسيعودون إليها، وهم يحملون راية النصر، وسيستردون ما فقدوا، ونغمات الأماني تدغدغ أحلامهم وتهدئ هواجسهم، وأزيز الطائرات يثير مخاوفهم، وقصف المدافع يزعزع آمالهم، وقد توالت الإشاعات، فنكست أعلامهم، وهزت ما بقي لديهم من سرور. وقد خففت الكارثة ما وجده المشردون من بشاشة وضيافة وترحاب لدى إخوانهم العرب، إذ فتحوا لهم قلوبهم، وأسكنوهم في بيوتهم، ومساجدهم، ومضافاتهم، ومدارسهم، وكنائسهم، واحتفوا بهم أيما احتفاء. ولما طال عليهم الأمر، سارع الصليب الأحمر، بمساعدة الحكومة، وبإحصاء نفوس اللاجئين، وباشر بتقديم الخيام والمؤن، وانتقل أكثرهم من تحت الأشجار وحنايا الجدران إلى مخيماتهم، بدأت الآمال تنهار، وأصبح المدى بعيداً." ويقول: "ولا بد للمؤرخ المنصف أن يسجل أن موظفي الحكومة ورجال الإحصاء والقائمين على خدمة الصليب الأحمر ومن بعدهم وكالة الإغاثة (الأونروا) ووجهاء اللاجئين، أساؤوا الاستعمال وامتصوا دماء الفقراء، وانتفخت الجيوب على حساب هذه المأساة، والمنكوبين، وبعضهم سجل عدد أفراد عائلته أضعاف أضعاف عددهم الحقيقي. وزعت الملابس والأرزاق على العائلات، وتكرر التوزيع، وعُدّل الإحصاء، وأخذت تتمشى أدوار النظام والتنظيم، ويعدّل ما كان فاسداً، ويصلح ما كان أعوج". ولديّ مقالات قصيرة مكثفة تحملُ معاني عميقة نُشرت في عمود صحيفة "الأردن"، في خضم النكبة، تُجسد الواقع المرير، وتراقب مجريات الحدث الفظيع اللامعقول، تُعلق وتؤرخ وتنبه في زمنٍ بعد النكبة 1949م، والذي أبسط ما أقول فيه أنه "يوم القيامة" وما فيه من أيام وصفت أهوالها الكتب السماوية كيوم الحشر، ويوم الحساب.. الخ. واقعيات كتبها الكاتب والمفكر والأديب الساخر الصحافي حسن مصطفى، وفي أُثناء توقف صحيفة "فلسطين" بسبب النكبة أيضاً، وهي لم تُقرأ بعد، ولم يتضمنها كتاب، ومن كان وقتها يشتري صحيفة؟! أو يقرأ جريدة ؟! إلا النخبة الصحافية المثقفة المضطرة لأداء دورها وقول كلمتها. وهذه الشخصية عملت في هيئة إغاثة اللاجئين في إدارة منطقة الخليل وبيت لحم، وكانت أكبر منطقة من حيث أعداد اللاجئين، ثم حُمّل حسن مصطفى أوائل الخمسينات أيضاً همّ اللاجئين، عندما سُلّم منصب رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية في رئاسة الوكالة، وقد أبدع في الإدارة بمثالية وتفانٍ كما اقترن اسمه بكلمة "إنسان" ولقّب بصديق اللاجئ، وهو علم من أعلام فلسطين والعالم العربي ورائد العمل التطوعي والتنموي منذ أوائل الأربعينات، وقد قضى في وقتٍ مبكر عن عمر 46 عاماً، ولا تزال ذكراه حيّة في وجدان الناس، رغم مضي خمسين عاماً على وفاته، ويقول الدكتور اسحق موسى الحسيني: "لحسن آثار أدبية خليقة بأن يطّلع عليها الجيل الجديد، ولا أعرف كاتباً ريفياً بزه حلاوة أسلوب ودقة عبارة وظرفاً وسخرية. حسن كاتب موجز يكتب تلميحاً ويبطن أكثر مما يظهر وأبرز ما فيه تعلقه بأرضه وإحساسه بآلام شعبه وكان قوي الحجة، يُحسن مقارعة الخصم ومجادلة الصديق. نستجيب لإحياء تراثه، لأنه فريد في بابه ولا نعرف له نظيراً إلى اليوم. أما في الإذاعة والصحافة، فكان نجماً لامعاً تميز بالابتكار والإبداع". أكتب هذه السطور المعرِّفة بهذا العلم بسبب عدم معرفة أهل اليوم به ولعدم توثيق أو رعاية إرثه الثقافي وانجازه الفكري وإن شاء الله سيظهر قريباً. فأرجو المعذرة على هذه المداخلة. أقدم "واقعيات" للقارئ الكريم دون شرح أو تعليق ليستشف منها ما يريد.
واقعيات - حسن 1 - يحلو الابتعاد عن الواقع أحياناً والعزاء بالخيال قليلاً، أترى لو قامت (الرسل) من قبورها ورأت ما يدور في (بلد السلام) من قوى الشر العالمية، ماذا يصنع الرسل؟. أغلب الظن أنّ "أيوب" عليه السلام ينتحر، ويعجز الخيال أن يتصوّر ما يصنعه الباقون.. لعلهم يقولون، نحن لسنا إلا "ضباط ارتباط" بين (السماء) و(الأرض)، وقد أدينا ما علينا وتألمنا في ذلك أكثر ممّا تتألمون، فما عليكم إلاّ أن تحسنوا صلتكم بـ(السماء) تصلح أحوالكم على (الأرض). وقد يعود الناس بعدها إلى الصلاة؟ والمنكوبون أصناف ثلاثة: فاللاجئ يقول: "لتكن مشيئتك على الأرض كما هي في السماء: خبزنا كفافنا أعطنا اليوم". والراحل يقول: "إهدنا الصراط المستقيم". والمقيم يقول: "ومن يتّق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب". قال محمد بن عبد الله، صلوات الله عليه: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع... (هذا المتوفر من هذه المقالة غير كاملة) 2 – طالت موسميّة الخير –المطر والبرد- والحمد لله والنفس البشرية يشفع لها ضَعفها إن تذمرت من الخير الطافح، وقد بلغ بي الضعف حداً صرت فيه أشتهي (الشمس)، حتى ولو أشرقت، بعد هذه الغيوم ضعيفة. ولا أبالغ إن قلت إن استمرار المطر والبرد أذهلني عن (التقاويم) و(القيم)، فعدتُ لا أشعر بشباط وآذار واعتدال الربيع، وإلى ما هنالك، بل أكاد أشعر أننا في شهر (كانون رابع). وعدت لا أُعنى (بالميليمترات) بعد أن فاقت هذا العام (الرقم القياسي)، بل صرت أقيس الأمطار (بالبيوت المنهارة) و(الخيام المقتلعة)، و(الأروح الذائبة). الخير خير، حتى وإن طفح، لكن الخير الطافح، خير مذيب، واللاجئون من البشر والبشر من (طين) وقديماً قالوا "أنا طين وهو ماء"، والطين في الماء ذائب. 3 – رائحة الصيف تشم، يبشر بها دفء الربيع، وفي الصيف تحاول الرؤوس الذابلة أن ترتفع متجهة نحو (المؤسسة الزرقاء) السماء، بعد أن خبرت المؤسسات الأرضية بأنواعها المختلفة، لتستمد منها (العون). والواقع يقول، إن عون السماء بعيد المنال قريبه، فللسماء تعاليم، بقدر ما يقترب منها الإنسان يقترب العون منه، وبقدر ما يبتعد العون عنه (والوقع) أيضاً يجيز لك أن تفترش الأرض، وخصوصاً الصيف، لأن (بساطه) واسع، ولكنه لا يجيز لك أن تلتحف السماء، فلا هي (لحاف) ولا (حرام)، وإنما السماء (رسالة). رسالتها أن تثبت (الجذور) في منابتها، وأن تُروى بعرق الجبين، وأن يسيج عليها بهيبة اليمين، ثم يستمد العون من روح السماء. من لا جذور له لا (سماء) له 4 – في الكوارث الكبيرة التي تعمي (البصر والبصيرة)، قد ترى العين ويأنس القلب ببعض النواحي المشرقة. و(الواقع) لا يتجاهل الكوارث، ولا يبخس النواحي المشرقة فضلها. ولذا أَنِسَ الواقع (بعبد الله بك التل)، كعنصر مشرق استأنست به القدس. (قلب كبير) يُحس بإحساس من حوله، ويتسع لما لا تتسع إليه قلوب الناس (مرونة عجيبة)، تتسق مع سعة قلبه، وقسوة الحوادث، وتضارب التيارات. (صبر جميل) حمله (التل) في (طريق الآلام). ولا يخفى على المقيمين في القدس أن مقر (التل) في (المرحلة الأولى) من (طريق الآلام). ولا يخفى على المؤرخين أن (أيوب) عليه السلام نشأ في (إربد) و(للتل) من إرث أيوب نصيب كبير. والواقع أن هذا المثلث الخلقي قد تجسم في رجل جمع بين جمال الشباب وقوته، واتزان الكهولة وجلالها. فإن كانت القدس قد بنيت على (تلال)، فهي ترتكز الآن على (التل). كان الله في العون. 5 – تعجبني رابطة القرابة المتينة بين "ضريبة" و"ضربة"، وإن كانت الأولى تدفعها، والثانية تأخذها، فلكل ضريبة أو ضربة حساب. وضربة القدر، هي ضريبته التي يفرضها على الأشخاص أو المجموع بنسبة سوء سيرهم أو سوء رأيهم والقدر لا يرحم، ومهما طال أجل استيفاء الضريبة يجمعها القدر، كالضريبة المتأخرة، بضربة واحدة. وكارثة فلسطين هي ضربة القدر للعرب وللعالم، إن كان هناك عالم، لأنهم كانوا يرون بقولهم الصواب، طوال مراحل القضية، منذ نشأت، ويبتعدون في سيرهم عن الصواب، وهم يعلمون. فجاءت الضربة محكمة. ولعل للأقدار في هذا حكمة، فإما أن تكون ضربة تفقد الرشد، وإما أن تكون ضربة تعيد الرشد. 6 – أنا معجب بالممثلين الهزليين (إسماعيل يس) و(بشارة واكيم). ولعل في ذكر اسميهما ما يثير الضحك، وفي رؤيتهما ما يغني عن مشاهدة فيلم كوميدي كامل وفي مواقفهما المحرجة ما يثير الشفقة أيضاً. تسوق الأقدار، في إحدى الروايات السينمائية، (إسماعيل يس) إلى المصارعة اليابانية مع جماعة من أقطاب المصارعة فيجد في (العض) له مخرجاً. وتضع الأقدار في إحدى الروايات السينمائية، بشارة واكيم كمستشار في أبطال الفكر السياسي، فتتفتق عبقريته على تجفيف البحر المتوسط لتوسيع رقعة العالم العربي. خير الضحك ما يسيل الدمع، وشر البلية ما يُضحك. 7 – لستُ أدري لماذا يتشاءم بعض الناس من العدد (7) مع أن: السماوات 7 وأيام الأسبوع 7 والصحف اليومية عندنا 7 والسنة الفصحاء من التراجمة 7 وأرواح القط 7 و"أعمدة الحكمة" 7 والدول العربية 7 وعجائب الدنيا 7 8 – في قول "آخ" بعض الراحة للمنكوب، وفي نفحته "أوف" بعض التنفيس، والنوح واللطم والبكاء من ألوان التنفيس المختلفة، وهذه الأنواع جميعها لا تفرج كربة، وإنما تريح المكروب العاجز، بعض الراحة. وتاريخ النكبات زاخر بالملاطم والمباكي وسائر أنواع التنفيسات. وأنكى أنواع النكبات هي المصيبة التي يحرم فيها على المصاب أن ينفس عن كربه، حتى ولو يقول "أخ" وكارثة فلسطين هي من المصائب (المسنسرة) والسنسر هي الكلمة الأجنبية للرقابة. منذ سنوات انهارت عمارة أبي عفيف، في بيروت، وقد كانت العمارة فخمة وجميلة أسموها "كوكب الشرق"، فوقعت الخسائر، ووقعت الضحايا، وقامت الضجة، ولكن الضجة انصبت كلها على رأس صاحب العمارة، ولم يفكر أحد أن يمسّ أو يبحث عن المهندس صاحب التصميم. ومنذ أشهر انهارت "فلسطين" كوكب الشرق، بل والغرب، والناس في ذهول والمهندس في راحة. إن خير تنفيس (للمنكوب)، وخير عظة (للسالم) هو البحث عن المهندس لاتقاء (التصميمات الجديدة) ولاجتناب كوارث جديدة لا سمح الله. 9 – الدورة العاشرة لمجلس (الجامعة) ستعقد في17 آذار ولا ندري أيطول هذا (الكونسلتو) أم يقصر، ولكنا لا ننسى أن فلسطين في (غرفة العمليات) وتحت (العمليات) أيضاً لا تحت عملية واحدة (والجراحون يعبثون (بمشارطهم) في جسدها وقد أخذتهم الدهشة لا من هول العملية فحسب، بل من مناعة (الجسد المسجى على السرير) ضد (البنج) بأنواعه وكمياته. ولو خرج المريض بعدها برجل واحدة، لاحتمل رِجل الخشب، أو العرج الدائم، أو لو خرج بعدها بلا عين لاحتمل عين الزجاج، أو العور أو العمى. ولكن فلسطين مهما اختلف الناس في تقديرها، إحدى ثلاثة، إما الرأس، وإما القلب، وإما الرئة. وهذه مقاتل ثلاثة. 10 - قالوا "السياسة هي أن تقول ما لا تعني، وتعمل ما لا تقول"، ومن هنا اختلفت دنيا (الواقع) عن دنيا (السياسة)، حتى لقد أصبحت التعابير السياسية الشائعة لها معنى معاكس في دنيا الواقع. فالهدنة: أحدث الوسائل المبتكرة للقتال. مجلس (الأمن): مجلس (الإرهاب). ليك سكس: ليك فيليار. ترومان: فولس مان الحريات الأربع المصائب الأربع (قرار، جلاء، التجاء، وفناء). القرارات السرية: يهدم وحيها قبل وقعها، كسر القنبلة الذرية. النقب: معنى النكبة 11 – بيّض الله وجه الجامعة العربية بمناسبة عيد الجامعة العربية 12 – الألسنة الناطقة، كما يقول الواقع، أقوى أثراً من (الأقلام) الناطقة، و(الأقلام) الناطقة أيضاً، فالكلام الحيّ المنطوق المسموع، أوقع في النفس من السجل المكتوب المقروء. والشرق العربي يكاد يكون (شعوباً) بحتة، إن جاز هذا التعبير، فالأمية منتشرة، واللسان (مبري)، والبديهة حاضرة، والأذن مرهفة، ثم بعد هذا يفوق اللسان (في صف الكلام)، الصحف (في صف الأحرف)، وله أيضاً آذان أكثر ما للقلم من أعين، فلا غرابة أن برز اللسان كعنصر أقوى من الصحافة في تكوين ما يسمى (رأياً عاماً). و"الإذاعة" أثبتت عجزها عن أن تنافس "اللسان، فالإذاعة مقيدة (بتموجات) معينة، و(ذبذبات) مختلفة، ولكن اللسان غير مقيد، وقد ينطلق بلا (تموج) ولا ذبذبة، وقد يسير (همسة) بسرعة اللاسلكي أيضاً، ويعتز بالمثل القائل: "ألسنة الخلق أقلام الحق". 13 - وقديماً قال الواقعيون "الكذب ملح الرجال" وأغلب الظن أن المقصود هو نسبة استعمال الملح لا طعمه، يؤكد لنا الخبراء بعجن الأمور وتقليبها وخبزها وقلعها.. وهذا المثل، أتخذ منه رجال الأعمال شعاراً بل ترنيمة، وخاصة رجال السياسة فهم يجيزون الكذب لضرورة فيه، كأن يحسنون به طعم الصدق –بنسبة ملح الطعام- أو يستعملون الكذب علينا –كأملاح الفواكه- أو يستعملونه مسهلاً –كالملح الانجليزي- أو إلى ما هنالك من كذب ومسميات. ولكن ليس هناك من مجيز تناول الملح (سادة)، وأن وقع ذلك، طالب (الواقع) بالصدق، ولو بنسبة الملح، ونادى على الأقل "الصدق ملح الكاذبين". فيا أيها الكاذبون:- أصدقوا ولو مرة واحدة، حتى يحتمل تصديقكم في المستقبل
3- العامل الثالث فهو الشتات تشتت الفلسطينيون، وتعددت أماكن اللجوء مما أثر تأثيراً كبيراً على وحدتهم وتماسكهم فالقدس أصبحت قسمين شرقية، وغربية محتلة، ومن مهازل الأقدار أنّ باب الخليل الموجود والقائم حتى الآن كان وجهه نحو البلدة القديمة داخل السور من القدس الشرقية، ونفس الباب من الجهة الأخرى في القدس الغربية، وكلّ ما يفصل بينهما بوابة (مندلبوم). وفي منطقة الثوري كان وجه البيت الواحد نحو الضفة الغربية والأردن، والقسم الخلفي منه يسكنه الإسرائيلي، وهذا ما يشابه حالة جدار الفصل العنصري الآن ولكن بلا أسوار، فقد قسمت قرية بيت صفافا (المجاورة لمحطة القدس المركزية على بعد 4 كم منها) بأسلاك شائكة من أجل خط سكة الحديد الذي كان يخترقها منذ عام 1888م وبقيت البيوت والعائلات تحت حكمين أردني وإسرائيلي حتى عام1967م، وحال خطوط الهدنة غريب عجيب، قسمت الأرض، قسم مغتصب مسلوب وقسم لا سيادة وطنية أو استقلال بل إلحاق وضم للمملكة الأردنية الهاشمية، وكانت مخيمات اللاجئين متواجدة في أنحاء الضفة الشرقية حتى إربد والرمثا شمالاً وفي الكرك جنوبا وحملوا جواز السفر الأردني. أما قطاع غزة فقد تم عزله عن فلسطين المحتلة بما فيه من لاجئين وسكان أصليين وتم عزله عن الضفة الغربية المتبقية من أرض فلسطين وأصبح السكان يحملون وثيقة سفر مصرية ويذكر عمر الصالح البرغوثي في كتابه المراحل ص514 تفاصيل الهدنة المصرية الإسرائيلية وبنود المعاهدة وكذلك الهدنة الأردنية والسورية واللبنانية، ومنح الفلسطينيون في سورية وثيقة سفر سورية وفي لبنان حملوا وثيقة سفر لبنانية. وأدى هذا الشتات في البلاد العربية إلى فقدان الهوية السياسية كشعب ووطن فلا وجود لجواز سفر فلسطيني أو أرض فلسطينية وهذا أثّر في خصوصية الهوية الفلسطينية إلا أنه بقي في إطار الهوية العربية القومية. وصنف آخر من الشتات هو الأوسع والأخطر هو الشتات خارج العالم العربي، وقد فُتحت أبواب الهجرة فيما بعد إلى أستراليا وكندا بمساعدة الأمم المتحدة مع أخذ الجنسية ولمّا تزل وإن قلّت. وهناك الشتات في جميع أنحاء العالم طلبا للرزق، والعمل والعلم حيث الغربة المكانية والزمانية والحضارية، علاوةً على الحذر المصحوب بالخوف والحرص على إخفاء الهوية مع المعاناة النفسية والاضطهاد والصراعات المختلفة، فقد كانت ولا زالت مشكلة الحصول على إقامة أو عمل حتى في الدول العربية الشقيقة قائمة رغم ما بُذل من جهود في اقتحام دول الخليج كالكويت والسعودية بلا تأشيرات، وقد وثق الأدب الفلسطيني صراعات هذه المرحلة قصصا وروايات وشعراً ونثراً وغناءاً... وقد كان للمشردين المشتتين في انتشارهم في الأرض أن بعثوا النهضة في الأقطار العربية خاصة ميدان التربية والتعليم وكموظفين ورؤساء دوائر ووكلاء شركات، وتجار، وزراع، وصناعيين ونهضوا بالبلاد العربية إلى مستوى عالٍ رفيع ولكن لا هوية مع الشتات. وعلى رأي المثل الفلسطيني"الغربة بتضيع الأصل" 4 - العامل الرابع في زعزعة الهوية الفلسطينية: ساهمت الإغاثة العربية والدولية في زعزعة الهوية بقصد وبغير قصد، منها ما هو مادي ومنها ما هو نفسي، فقد سبق اللجوء والهجرة والإغاثة ثورة وكفاح وتمرد دام طوال عهد الانتداب وقد عبّأت هذه الأجواء الثورية النفوس بالعزة والكرامة وروح المغامرة والفداء والتضحية والذود عن الحياض والوطن وحب الأرض والعمل والاعتزاز بالقيم والعزوة وفجأة وجد الشعب نفسه لا يملك شروى نقير ولا قوت يومه ينتظر من يسعفه ويؤويه أو يطعمه أو يلبي له أدنى خدمة وفي جمهرة في البشر منوعة وزحمة لم يكن يرضى أن يقف بها هو أو أيّ فرد من أفراد أسرته فهي أجواء الفوضى والتشرد والعذاب والبؤس وليس لها وصف وأصبح الشعب الكريم مهاناً وبدأت طوابير طويلة تقف بذل وانكسارٍ كي تحصل على مساعدات غذائية غريبة في لونها وطعمها ورائحتها ومكوناتها ولم يحصل أن تناولها مرة واحدة في حياته على سبيل المثال لا الحصر الحليب الناشف ومسحوق البيض المجفف والتمر والعجوة المتعفنة وسمنة الكيكوز والمعلبات والناس في العراء لا بساط ولا لحاف ولا.. ولا شيء. علاوة على الموت الزؤام والأمراض والأوبئة كالحصبة التي حصدت أرواح الأطفال. والقمل والسيبان والحشرات الأخرى والزواحف. ومَن عزّت نفسه عليه ولم يحمل بطاقة اللجوء فَقَد حقه في الخدمات حتى الآن. وحلّت بطاقة_لاجئ_ محل الهوية الفلسطينية وهذه تعني أنك تنتمي إلى مجموعة مشردة ترعاها الأمم المتحدة وتغيثها بالمؤن والخيام والأغطية. إنه صراع البقاء ونفوس محطمة تبكي وتلطم وتولول! شعب منكوب يندب وينعى حاله وما حلّ ببلاده وتكاثفت ظروف المأساة وما سبّبته من قهر وظلم يستدعي التنفيس فأخذ اللاجئون ذكوراً وإناثاً يبثون أشجانهم وشكواهم وديارهم بكافة أشكال ووسائل التعبير الرسمي والشعبي من زجل وغناء وندب. أمّا الملابس فقد عمّت (البقج) من ملابس أوروبية وأمريكية لا بد من استعمالها نظراً للحاجة الماسة إليها، وكانت هذه أول خطوة سلبية نحو واحد من أهم رموز الهوية: تقول اللاجئات متحسرة على خيرات فلسطين الثكلى: دشرنا بلاد العنب والتين وجينا للهيئة (الوكالة) نشحد طحين في أي شرع وفي أي دين بلادي يحكمها شعب صهيونا دشرنا بلاد العنب واللوز وجينا للهيئة (الوكالة) نشحد ككوز والله يا ربي هذا ما يجوز بلادي يحكمها شعب صهيونا
أما في معاناة التسجيل وتحصيل بطاقات الإعاشة يقول اللاجئ: وحامل كيسه راح على الخان قالوله إطلع من هان كن جرة من عرق الذان قالوا كروتك مقطوعين يا اللي قطعت الكروت ريتك ع جهنم تفوت ما معنى ولا سحتوت كل الخلق مفلسين طلعت على الوكالة حتى أسجل عيالي الناس زحمة دبوا عقالي ورموني ع الأرضية رحنا على دير عمار وبصف المؤن تحتار أما فضيحة ومعيار ويا رب إفرجها عليّة أما البداعة اللاجئة، فهي قلقة على مصير البلاد، التي طردوا منها، وعلى رأي المثل: (شوف عيني وحظ غيري) و(الدار دار أبونا وأجو الغرب وطحونا) تقول هاتوا الجريدة تانقراها ونشوف فلسطين مين تولاها هاتوا الجريدة وهاتوا قلمها تنشوف فلسطين أنو استلمها وما زلتُ أذكر ديوان الشاعر المرحوم خليل زقطان (اللاجئ في مخيم العروب، وهو من قرية زكريا قضاء الخليل)، وقد قرأته في طفولتي المبكرة، وكان قد أسماه "صوت الجياع"، أختار من القصيدة الأولى وهي بعنوان "صوت الجياع" أيضاً الأبيات التالية: أنا من هناك فكيف أحيا هكذا في الكون عالة؟ ويظل مأكلي الفتات ومشربي هذي الفضالة؟ وأظل مرتقباً مصيري إذ تقرره الحثالة لا كان يا دنيا الذي لم يُسمِع الدنيا نضاله وفي نهاية القصيدة يقول: قسماً بجوع اللاجئين وعري سكان الخيام لَنُصارِعَنّ الموت من أجل الوصول إلى المرام وفي كتاب الشاعر الأستاذ كامل الدجاني من يافا، الذي أهداني كتابه في مؤتمر (صحيفة فلسطين مئة عام، والمنعقد في عمان) العام الماضي بعنوان من وحي فلسطين "في غمرة النكبة"، وجدت فيه تعبيراً صادقاً وإحساساً يراود كل فلسطيني، وقد سجلت قصائده تأريخاً للأحداث وما يصاحبها من شعور، وهذه قصيدة "لاجئون" كتبها في بيروت – آذار 1950، أختار منها الأبيات التي تصف اللاجئ وإحساسه: لاجئون الناس في دارٍ وفي وطنِ يطيبُ فيه العيشُ والوردُ ونحن فيهم "لاجئون"وقد ينكرنا قومٌ إذا نبدو! الناس في جَمعٍ وفي عصبةٍ ينظمهم في سلكه عقد ونحن في الأرض نثارٌ، فما يجمعنا قُربٌ ولا بُعدُ! الناس يأوون إلى دورهمْ يلفهم في ظلها مَدُّ ونحن لا دارٌ ولا ظلة يأوي إلينا الحر والبردُ! الناس يغدون لأرزاقهم ونحن لا يؤذن أن نغدو نبيت لا ندري أيأتي غدٌ بالرزق أم لا رزق من بعدُ! يضيق رحب الأرض عن حفنةٍ ألقى بها اليمّ، ولم تعدُ نجوا من الموت بأرواحهمْ حتى إذا ما استأنسوا رُدّوا وربما نُحشر في محشرٍ في حوله الحراس والجندُ كأننا رهن اعتقالٍ سوى أن لم يكن سجنٌ ولا قيدُ! ومن قصيدة أخرى بعنوان داري هذا البيت يصوّر موقفاً يعكس ما ذُكر في الموضوع يا أمُّ إنّا في الشتات وأنتِ في أسرٍ وقيدٍ
أمّا الدلعونا الفلسطينية، فقد عبّرت عن كل ما في الوجدان والروح والعقل، ولم تترك شاردة أو واردة تتعلق بالوطن والغربة واللجوء والنكبة، الشوق والحنين والجهاد والتحرير وحب الأرض والزرع والشجر والفيّ والميّ والهوا والطير والسهل والجبل والواد والنبع.. حتى حدود فلسطين من جميع الجهات، حددتها الدلعونا الشعبية: إحْدودْ بلدي ما هي مَنكُورة رفح من قِبلي وشاما الناقورة والبحر الأبيض غربا مَشهورا ويا جسر اللّنبي من الشرق يكُونا
حب الوطن فلسطين في الدلعونا: حُبك يَ بلادي ممزوج بدمي بسماكِ الزرقا بتجلا همّي وأنتِ فلسطين أبوي وإمي واحنا اليتاما لو نبعد يوما فلسطين بلدنا لازم نحميها ونزرع الوردْ في سواقيها يد الصهيوني الله يجازيها هيّ حرمتني أرظي الحنونا اسمعْ يا قاصي واسمع يا داني سهولي وجبالي وغوري وأوطاني ولكل الدنيا وزع بيان بحبّه من رملي لا تطالبونا على دلعونا نَسّم هواها وبلادي الحلوة أنا بهواها ومهما الأعادي زادت قواها ما بظني نِرْهَب بني صهيونا من أجل بلادي تعلمت حادي أوصف التلّي وينبوع الوادي دعاني الواجب ما أوقف حيادي روحي لبلادي خلقت مرهونا مرقَتْ طيارة وفي السما عِلْيَتْ وفوق المعمورةْ والدنيا لفّت وفي أجمل بقعا من الدنيا هدّت لقيتها يا احبابي في فلسطينا الوطن غالي ما أغلا ترابو ما أحلا القسدرا بين جنيناتو من بعد الخالق لأحلف بحياتو هللي رباني وأنا زغنونا بتربة أوطاني شروشي مزروعة وفي السما العالي فروعي مرفوعة ودوي يا صيحا وظلي مسموعة وعودي وانبتي في فلسطينا بلادي العزيزة نتغاوا فيها المجد مخيّم عاروا بيها شعبْها البطلْ سهران عليها صامدْ في الساحا يناظل ويصونا شُقّولي صدري وشوفو فؤادي بتلاقو جوّاه صورة بلادي زادي المحبة وقلبي الزوادي وعشقي مكشوف وما هو مكنونا لأطلع عالسلم وأناجي ربي أنا فلسطيني ومنّي متخبي بلادي يَ بلادي بهديكِ حُبي حتا تحريرك يا فلسطينا لأبعثْ سلامي بجناح الطير للي بقالي وأصبح لغيري أهلاً وسهلاً يا مسا الخيرِ وأكثر سلامي لفلسطينا لا تقولي بغني من فظا بالي بسلّي همومي الغيَّرَتْ حالي حبيب والله قاعد قبالي قاعدين بنفكر في فلسطينا مهما تآمرتو وعملتو فينا لا يمكن ننسى لفلسطينا ولو ملّكوني مصر مع سينا لتظل بلادي أغلى ما يكونا فلسطين بلادي بتغاوا فيها والعز مخيّم فوق روابيها وكلمة الحق لما بحكيها لكل الدنيا تا يسمعونا بلادي فلسطين ما أحلى جبالك ربّي حلاّك وجلاّ جمالك عُمال وطلاب اطوعنا لك ومن أجل بلادي روحي مرهونا من كل الدنيا موطنّا أغلى وأحلى من الجنة، لو يدروا أحلى وعن ذرّة زغيرة مُحال نتخلّا ويللي بتساوموا ظهوركم ورونا
وفي ألم الغربة عن فلسطين والإبعاد والتشريد ما يلي: فلسطين يا بلادي والله ما أنساكِ عايش في الغربة وقلبي معاكِ بطلب من الله يحرر ثراكِ وتعيشي حرّة يا فلسطينا يا ساحل حيفا لا تقول نسينا مهما تشردنا ومهما قاسينا كُنّا إحنا زغار كبرنا وعسينا وملينا الذل وملينا سنينا يللي طلعتِ فوق السطوحِ على النشاما بمنديلك لوحي بُعدك يَ بلادي وين أنا أروح؟ جانا مستوطن ابن صهيونا طلت الغربة وطال الفراقِ بالله يا طيري بَلّغ أشواقي للأرظ الحبيبة أنا مشتاقِ طالت الغربة وصارت سنينا طير في السما جاي من مغرّب يحكي عن جامع بلدنا مخرّبْ واللي ما بعذر يا ربي يجرّب ويصبح شريد الوطن يَ عيونا يا طير يا طاير، يا طير مهدّي سلم عا يافا سلم ع اللد عنّك يّ بلادي والله ما ارتد العودة للوطن أحسن ما يكونا شعبنا مشرّد صار له زمان بتمنى رجوعي على الأوطان عيونه عم تبكي وقلبه حزنان عالأرظ يا إخواني لا تبخلونا طالت الغربي وطال الفراق يا الله يا طير تبلّغ أشواقي لأرظي الحبيبة أنا مشتاقِ امتا تعودي لي يا فلسطينا يا مشرّق شرقا دربك عاودها تنجاهد في بلادي قلبي رايدها ومعاهِدْ ربيّ بلادي أردها وأجاهد في الوطن ضد الصهيونا إن غبت عنك بتسيل دموعي والنار بتشعل جواة ظلوعي فلسطين تهني بساعة رجوعي أما عَ غيابي ظلك محزونا يا طير طاير سلّم عالديري عالقُدس الشريفة وسلّم عالطيري وتراب الوطن سجاد حريري والمنيّة بلسم والبُعد جنُونا لأغرّب غربة وأرفع منديلي وما حدا انظلم قدي في جيلي يَ بلاد الغرب ريتك تهيلي وانتِ السبايب تهجرونا
مرجعية الدلعونا الفلسطينية هذه ديوان الدلعونا الفلسطيني تأليف الدكتور عبد اللطيف البرغوثي، وهو من إصدارات جمعية إنعاش الأسرة، البيرة، لجنة الأبحاث الاجتماعية والتراث الشعبي الفلسطيني.
· مسؤولة مشروع إحياء إرث حسن مصطفى الفكري والأدبي والثقافي في مركز حسن مصطفى الثقافي / محافظة بيت لحم – قرية بتير.