في الذكرى الثالثة لوفاة المرحومة أم مازن رحمها الله وأسكنها فسيح جنانه من النساء الرائدات في العمل التطوعي لنهضة المرأة والمجتمع، قامت هذه الرائدة بفتح أبواب منزلها ليكون مقراً للنهوض بالمجتمع المحلي، فهو المؤسسة الأولى التي استضافت أهالي بتير نساء ورجال وأطفال وشيوخ وعجائز ليصبح البيت بيتهم، مفعماً بالحركة والنشاط، وهو مقر يرتاده خبراء التنمية في اليونسكو ووزراء الخدمات العامة واللاجئين الذي كرّس زوجها الرائد والشخصية الوطنية وقته في حبهم وخدمتهم ونشر قضيتهم، وكل من له حاجة كانت البوابة مشرعة مفتوحة لكل من يقصدها قريباً أو بعيداً ماشياً أو راكباً سيارته، متفاعلاً مع هموم الناس بأنواعها، ساعياً لحل مشكلة كل شخص وكل قضية صغيرة أم كبيرة لولا أن هذه المرأة ارتضت ان تكون بمسيرة زوجها المفكر والمنخرط في العمل الميداني والعملي والتطبيقي وليس مُنّظراً فحسب، لما ظهر هذا الفكر وأعطى نتائج مبهرة في ميدان التنمية التي لا يزال فكره وعمله الريادي في طليعة الاعمال، وتشهد العين والأذن والحواس كلها على انجازهما حتى الساعة
حسن مصطفى مع زوجته (ام مازن) في يافا 1943
هذه الشخصية وهذا الثوب
الدور الجديد لهذه المرأة بعد زواجها استلزم ارتداء الثوب في أجواء كان الانتماء الى الفلاحية يعني التخلف والبُعد عن المدنية والحضارة، وكان ارتداء الثوب ليس مشجعاً ولم يكن بمعاني اليوم، وكان ثوب أم مازن دليلاً على الفن والذوق والاعتزاز بالزي، وأنه عنوان هويتنا خاصة المرأة، فاستقبلت بهذا الثوب المميز شخصيات عالمية كانت تُبهر بجمال هذا الزي وقوة شخصية من ترتديه كنموذج للفلاحة المثقفة الواعية والعاملة من أجل الوطن
أُلبست بنات بتير ومعلماتها الثوب في المدرسة وفي استقبال الضيوف وفي الاحتفالات بمشاريع القرية ومهرجاناتها السنوية، في الوقت الذي تخلت فيه الفلسطينيات عن الثوب خاصة المتعلمات والمثقفات في المدن، القدس، نابلس ... الخ، وكذلك في عهد الانتداب السابق للنكبة كانت القرية مهضومة الحق، وكان الانتداب يهتم بالمدن وبالحياة المدنية تحضيراً لإحلال المحتلين في جوٍ يناسب أجواء اوروبا وأميركا، وكان هذا تغييراً مؤذياً ومقصراً، وكان النادي الحسني في المالحة ثم نادي الاتحاد القروي يحرص على ابراز الحياة الريفية وقيمتها والنخبة المقدسية من الرجال أخذت تعمل على رعاية المدارس وتشجيع الزراعة والاهتمام بنواحي عدة كالرياضة لتعويض الاهمال الحكومي للريف، وكانت مخصصات العمل والبناء معدومة للريف او مهملة مما خلق فجوة واسعة ما بين الريف والمدينة، فظهر حسن مصطفى ليوفر الرعاية للريف ويهتم به ويطالب حكومة الانتداب بخدمات للقرى، وأصدر مجلة اسمها القافلة لنادي الاتحاد القروي تعبر عن آمال الفلاحين وحاجاتهم، فكانت هذه النوادي واشخاصها رجال مقدسيون متميزين يعملون لصالح قراهم، واستمر حسن مصطفى في ذلك بعد النكبة، وفي نفس الوقت يدعوهم ويحثهم على تولي امورهم بانفسهم والتعاون على القيام بمشاريعهم بأنفسهم، كبناء المدارس، وفتح الطرق، حيث لم يكن هناك طرقاً بين القرى والمدن، ولا ينتظرون من حكومة الانتداب أن ترعاهم دون تمييز بين القرية والمدينة. وكان الاهتمام بالزي الفلسطيني اي الثوب الفلاحي المقدسي من أهم الاشياء التي تمثل دورها أم مازن وبنات المدرسة ومعلماتها، وقليلاً ما لبست ام مازن ثوباً آخر غير الثوب الابيض المطرز بالازرق، ويوجد ثوب أبيض آخر مطرز بالاخضر ولكن لا يظهر بالصور الغير ملونة
الرائدة النسائية ام مازن في الخمسينيات مع اطفالها ناديه ومازن ومجموعة معلمات زائرات للإطلاع والدراسة لفكرة ومشروع التنمية على عين بتير
(من اقول حسن مصطفى الماثورة:- (ان المرأة بلا عمل شيطان وفي البيت انسان أما في ميادين الخدمة العامة فهي ملاك الملاك: أم مازن بثوبها الفلسطيني المقدسي الأبيض الجميل الذي وصفته الملكة دينا عبد الحميد للصحف المصرية. فقالت عنها: انها كالحمامة بهذا الثوب الأبيض المطرز بالأزرق
ام مازن مع وحيدها مازن في طفولته ومثلما سايرت ثقافة زوجها سايرت ثقافة ابنها مازن صاحب الثقافة العالية وكان بينهما نقاش ولقاء ثقافي متميز كما لو انها كانت من جيله وكانت تدهش زواره اصدقاءه المثقفين بمستوى ثقافتها وعلمها ووعيها وبأسلوبها الهادئ الشيق في الحديث رحمها الله. وعندما تسأل أين درستي؟ كانت تقول:- في جامعة حسن
بنات بتير تتوسطهن المرحومة ام مازن على الدرج الثقافي وهو درج بيت الاستاذ حسن مصطفى وكان هناك برنامج ثقافي ليلي وارتجالي للأهالي وهو قريب من قاعة الاجتماعات العامة (دار ابو راس)، وفي هذه المجموعة المرحومة وصفية الاعرج أم الثوب المطرز بالاصفر والمرحومة نعمة عبد الفتاح جبر في آخر الصف من اليسار
عناصر جمالية لهذة القَبة - قَبة ثوب أم مازن تسمى هذه القَبة بقية القوس حيث أن العنصر الرئيسي هو القوس على شكل (سبعة) يمتد من وسط القبة إلى أطرافها، ولها محيط كإطار للقبة يسمى الملوى وهو عرق رفيع، وهناك وردتان اسمها وردة الضُمة على طرفي القبة، وهناك القسم الأخير هو باب القبة وهي الفتحة التي يدخل منها الرأس ويكون على داير هذه الفتحة عرق مناسب للمساحة على شكل (U) ومن العناصر الجمالية لهذه القبة أنه يظهر فيها أرضية الثوب البيضاء ووجود فراغات ما بين كل تصميم وآخر، فتبدو بهذا الشكل الجميل وهذه قبات أخرى من أثواب أم مازن.